[url=][/url]
عندما يسطع كوكب الشرق ...
كما تناولنا في الأشهر الماضية حياة الفنانة الكبيرة فيروز والنجم راغب علامة .. سنتناول هذا الشهر سيرة كوكب تلألأ في سماء الفن حتى أصبح منارة يهتدي بها كل الفنانين .
نتحدث اليوم عن (ثومة) .. الست التي اجتمع العرب على طربها .. و سنتناول سيرة كفاحها و أجمل أغانيها .. الفنانة الكبيرة .. كوكب الشرق أم كلثوم ..
قليلة هي الشخصيات التي استطاعت توحيد العالم العربي حول شان من الشؤون. وأم كلثوم كانت واحدة من تلك الشخصيات. لقد اجتمع العرب حول فنها وغنائها كما لم يجتمعوا حول أي شأن آخر. حتى عبد الناصر، الذي كان على علاقة وطنية ـ قومية ـ سياسية بفن أم كلثوم، لم يجمع العرب كما جمعتهم. لقد كان لعبد الناصر معارضون شخصيون وسياسيون وقوميون، وقد قاطعته أنظمة عربية عديدة وتجاهلت أخباره.وكذلك كان لأم كلثوم معارضون شخصيون و"سياسيون" وقوميون، ولكن أغانيها كانت تتردد من سائر الإذاعات العربية دون استثناء.
لقد اتهمت أم كلثوم، وفنها تحديدا بالتأثير السلبي على الشعب العربي، بل لقد اعتبر البعض أغانيها بمثابة المخدر. وقد ذهب بعض المغالين إلى حد اعتبارها مسؤولة بشكل من الأشكال عن هزيمة حزيران 1967. ولكن أغانيها الوطنية، وخصوصا في أيام عبد الناصر كانت بمثابة الجامعة العربية الحقيقية التي تجاوزت السياسات المحلية.
وحتى اليوم، أي بعد وفاتها بما يقارب 25 سنة، تؤكد الأرقام أنها لا تزال تعتلي قمة المبيعات في سوق الكاسيت، وبفارق بعيد عمن يليها في اللائحة.
ولدت أم كلثوم في قرية صغيرة من محافظة الدقهلية تدعى طمي الزهايرة. وتاريخ ميلادها غير معروف بالضبط، وان كان يرجح أنها ولدت في 4 أيار 1904.
كان والدها الشيخ إبراهيم السيد البلطجي (توفي 1932) إمام المسجد المحلي، أما والدتها فاطمة المليجي (توفيت 1947)فكانت ربة بيت.
كان دخل العائلة متواضعا جدا، مما اضطر الشيخ إبراهيم، صاحب الصوت الجميل والإلمام بالموسيقى إلى الغناء في الحفلات الخاصة كالموالد والأعراس في قريته والقرى المحاورة. وقد نشأت أم كلثوم مع أختها سيدة وأخيها خالد في منزل العائلة المتواضع . ولم يمتلك الشيخ إبراهيم أي عقارات أخرى.
أرسلت أم كلثوم مع أخيها خالد إلى الكتّاب في القرية، ولكن شيخ الكتاب ما لبث ان توفي، فأرسل الطفلان إلى مدرسة حكومية في قرية مجاورة، تبعد عدة كيلومترات، اسمها "عزبة الهوال"، وقد بقيت أم كلثوم في المدرسة مع أخيها ما يقارب السنوات الثلاث حيث حفظت معظم القرآن الكريم، وتعلمت القراءة والكتابة.
تعلمت أم كلثوم الغناء من والدها، إذ كانت تستمع إليه وهو يلقن أخاها خالدا أصول الموسيقى والغناء، رغبة منه في ان يكون بإمكان الشاب مساعدته في إقامة الحفلات التي صارت هي الدخل الأساسي للعائلة. وعندما علم والدها بما كانت تفعل وسمع صوتها الجميل والقوي أعجب به كثيرا وطلب منها ان تنضم إلى الفرقة.
تمتعت فرقة الشيخ إبراهيم بشهرة واسعة في دلتا النيل، وصارت حفلاتها كثيرة. وكان الشيخ يتقاضى 10 جنيهات عن الحفلة، أي ما يعادل 50 دولارا في ذلك الحين. وكان هذا المبلغ أكثر مما يتقاضاه موظف حكومي متوسط الرتبة طوال شهر.
ومنذ انضمام أم كلثوم إلى الفرقة راح كثير من الناس يقترحون عليها وعلى والدها الانتقال إلى القاهرة حيث مجالات العمل والشهرة أرحب وأوسع بما لا يقاس.
نتحدث اليوم عن (ثومة) .. الست التي اجتمع العرب على طربها .. و سنتناول سيرة كفاحها و أجمل أغانيها .. الفنانة الكبيرة .. كوكب الشرق أم كلثوم ..
قليلة هي الشخصيات التي استطاعت توحيد العالم العربي حول شان من الشؤون. وأم كلثوم كانت واحدة من تلك الشخصيات. لقد اجتمع العرب حول فنها وغنائها كما لم يجتمعوا حول أي شأن آخر. حتى عبد الناصر، الذي كان على علاقة وطنية ـ قومية ـ سياسية بفن أم كلثوم، لم يجمع العرب كما جمعتهم. لقد كان لعبد الناصر معارضون شخصيون وسياسيون وقوميون، وقد قاطعته أنظمة عربية عديدة وتجاهلت أخباره.وكذلك كان لأم كلثوم معارضون شخصيون و"سياسيون" وقوميون، ولكن أغانيها كانت تتردد من سائر الإذاعات العربية دون استثناء.
لقد اتهمت أم كلثوم، وفنها تحديدا بالتأثير السلبي على الشعب العربي، بل لقد اعتبر البعض أغانيها بمثابة المخدر. وقد ذهب بعض المغالين إلى حد اعتبارها مسؤولة بشكل من الأشكال عن هزيمة حزيران 1967. ولكن أغانيها الوطنية، وخصوصا في أيام عبد الناصر كانت بمثابة الجامعة العربية الحقيقية التي تجاوزت السياسات المحلية.
وحتى اليوم، أي بعد وفاتها بما يقارب 25 سنة، تؤكد الأرقام أنها لا تزال تعتلي قمة المبيعات في سوق الكاسيت، وبفارق بعيد عمن يليها في اللائحة.
ولدت أم كلثوم في قرية صغيرة من محافظة الدقهلية تدعى طمي الزهايرة. وتاريخ ميلادها غير معروف بالضبط، وان كان يرجح أنها ولدت في 4 أيار 1904.
كان والدها الشيخ إبراهيم السيد البلطجي (توفي 1932) إمام المسجد المحلي، أما والدتها فاطمة المليجي (توفيت 1947)فكانت ربة بيت.
كان دخل العائلة متواضعا جدا، مما اضطر الشيخ إبراهيم، صاحب الصوت الجميل والإلمام بالموسيقى إلى الغناء في الحفلات الخاصة كالموالد والأعراس في قريته والقرى المحاورة. وقد نشأت أم كلثوم مع أختها سيدة وأخيها خالد في منزل العائلة المتواضع . ولم يمتلك الشيخ إبراهيم أي عقارات أخرى.
أرسلت أم كلثوم مع أخيها خالد إلى الكتّاب في القرية، ولكن شيخ الكتاب ما لبث ان توفي، فأرسل الطفلان إلى مدرسة حكومية في قرية مجاورة، تبعد عدة كيلومترات، اسمها "عزبة الهوال"، وقد بقيت أم كلثوم في المدرسة مع أخيها ما يقارب السنوات الثلاث حيث حفظت معظم القرآن الكريم، وتعلمت القراءة والكتابة.
تعلمت أم كلثوم الغناء من والدها، إذ كانت تستمع إليه وهو يلقن أخاها خالدا أصول الموسيقى والغناء، رغبة منه في ان يكون بإمكان الشاب مساعدته في إقامة الحفلات التي صارت هي الدخل الأساسي للعائلة. وعندما علم والدها بما كانت تفعل وسمع صوتها الجميل والقوي أعجب به كثيرا وطلب منها ان تنضم إلى الفرقة.
تمتعت فرقة الشيخ إبراهيم بشهرة واسعة في دلتا النيل، وصارت حفلاتها كثيرة. وكان الشيخ يتقاضى 10 جنيهات عن الحفلة، أي ما يعادل 50 دولارا في ذلك الحين. وكان هذا المبلغ أكثر مما يتقاضاه موظف حكومي متوسط الرتبة طوال شهر.
ومنذ انضمام أم كلثوم إلى الفرقة راح كثير من الناس يقترحون عليها وعلى والدها الانتقال إلى القاهرة حيث مجالات العمل والشهرة أرحب وأوسع بما لا يقاس.
كان معظم الموسيقيين في القاهرة في ذلك الحين من المشايخ. وكان الشيخ إبراهيم يعرف بعضهم، وخصوصا الشيخ زكريا أحمد، والشيخ أبو العلا محمد، وقد ساعدا العائلة على الانتقال إلى القاهرة وعرفاها على المنتجين الفنيين، كما ان الشيخ أبو العلا نفسه صار أستاذ أم كلثوم في الموسيقى حيث كانت في حاجة إلى تدريب صوتها القوي لاستخراج كافة طاقاته وقدراته. ثم قدمها إلى الشاعر أحمد رامي الذي ساهم في تدريسها الشعر والأدب العربي.
بدأت أم كلثوم حفلاتها في القاهرة بغناء ما كان يؤديه والدها في قرى ومدن الدلتا. ولكنها سرعان ما أدركت ان هذا لن يقودها إلى النجاح، ولا بد لها من الاستغناء عن خدمات العائلة واستئجار عازفين متخصصين على الآلات الموسيقية، واستبدال القصائد والتواشيح الدينية بأغنيات عاطفية يكتبها ويلحنها شعراء وموسيقيون مختصون.
هكذا خطت أم كلثوم خطواتها الأولى نحو النجاح في الثلاثينات، وبدأت بتسجيل الاسطوانات والغناء من الإذاعات، فصار لديها دخل ثابت مكنها من اختيار أغانيها وأعمالها الفنية بدقة فتمتعت بمستوى فني رفيع، عملت على المحافظة عليه طوال حياتها.
الأربعينات والخمسينات كانت العصر الذهبي لأم كلثوم. فقد شكلت القطب الغنائي في مثلثين شهيرين، الأول مخضرم وقد تألف من الشاعر احمد رامي والموسيقي زكريا احمد، والثاني أكثر شبابا وقد سعت إليه بحسها ورغبتها الدائمة في التجديد، إذ تعاونت مع الشاعر أحمد شوقي والموسيقي الفتي رياض السنباطي. وقد لقيت أغانيها الجديدة ترحيبا كبيرا من الجمهور المصري ثم العربي.
عانت أم كلثوم منذ الثلاثينات من مرض في الكبد، وقد أثر عليها ذلك طوال حياتها، وحد من نشاطها الفني لفترات امتدت إلى سنتين أو ثلاث سنوات أحيانا. وكان السبب الأساسي لضعف في عينيها ولنصيحة الأطباء لها بان تعتزل السينما تجنبا للأضواء الباهرة التي تستعمل أثناء التصوير. ولكنها كانت تعالج مرضها بالمياه المعدنية وبالراحة التامة إلى ان تستعيد عافيتها فتستأنف نشاطها الفني، ومن اشهر علامات مرضها هو اضطرارها إلى ارتداء نظارات سوداء معظم سنوات حياتها.
العصر "الماسي" لأم كلثوم بدأ في الستينات عندما راحت تتعاون مع الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب بعد قطيعة تامة بينهما. وقد لاقت الأغاني التي جمعتهما، مثل "انت
عمري" و "انت الحب"، نجاحا منقطع النظير.
ولكن الستينات شهدت أيضا هزيمة حزيران، فكان لأم كلثوم عدد من الأغاني الوطنية والقومية التي صارت على كل شفة ولسان. كما أنها قامت برحلات عديدة إلى الخارج وأحيت عدة حفلات عربية وعالمية عاد ريعها كلها للمجهود الحربي المصري. وقد أدى ذلك إلى تدهور كبير في صحتها منذ مطلع السبعينات، واضطرت إلى إلغاء العديد من حفلاتها الشهيرة التي كانت تقيمها في الخميس الأول من كل شهر (1972 و 1973)، لاضطرارها إلى التنقل بين أوروبا وأميركا طلبا للعلاج على أيدي اشهر الأطباء الاختصاصيين بأمراض الكلى.
في 21 كانون الثاني 1975 أصيبت أم كلثوم بنوبة حادة فنقلت إلى المستشفى رغم إرادتها. وامتلأ منزلها في الزمالك بالصحفيين الذين منعوا من ملازمة المستشفى، وكانوا يتسقطون الأخبار الواردة إلى المنزل من الأطباء المعالجين، في حين فتحت الإذاعة السورية خطا تلفونيا مباشرا مع مراسلها في القاهرة لتلقي الأنباء أولا بأول. أما جريدة الأهرام المصرية فقد خصصت نشرة يومية عن صحة أم كلثوم.
ولكن المنية وافت كوكب الشرق في الثالث من شباط، وتقررت إقامة الجنازة في اليوم نفسه، حسب التقاليد الإسلامية التي تقضي بأن يتم دفن الميت بأسرع ما يمكن، وذلك بإقامة الصلاة في جامع عمر مكرم في وسط القاهرة.
في ذلك الوقت بدأت الأخبار ترد عن عدد كبير من غير المصريين ومن المصريين المقيمين في الخارج الراغبين في المشاركة في التشييع، مما اضطر المسؤولين إلى تأجيلها ليومين.
وفي الخامس من شباط امتلأت شوارع القاهرة بالملايين من المشيعين الذين لم يسمحوا بتنفيذ مراسم التشييع كما كانت مقررة، ونالت أم كلثوم تشييعا شعبيا لم يسبق له مثيل. إذ أخذ المواطنون النعش من حامليه الرسميين وراحوا يتبادلون حمله لمدة ثلاث ساعات عبر شوارع القاهرة متوجهين به إلى مسجد "سيدنا الحسين" بدل "عمر مكرم". وهناك صلى عليه أمام الجامع وطلب من المشيعين ان يأخذوا الجثمان إلى مثواه الأخير تنفيذا للتقليد الإسلامي، مؤكدا ان أم كلثوم كانت مسلمة متدينة وأنها ما كانت لتقبل إلا بأن يتم دفنها حسب التقليد الإسلامي. وهكذا كان.