هذه أحد القواعد النفسيه التي نتعلمها من سورة يوسف
أشعرهم بالمحبه و الاهتمام
يعد الحب مطلبا نفسيا و اجتماعيا . فالفرد فى وسط بيئته الاساسيه و
الاجتماعيه يسعى للحصول على الرضا و المحبه و التقدير من الآخرين و يكره أن يستهين به
أحد أو أن يحقره ، وقد يحس بألم و ضيق و يسعى لتلافيه ما استطاع
فالحاجه الى المحبه ، و الشعور بالميل الى الآخرين والأنس بهم على أساس من
التعاطف و الموده المتبادله ، أو صلة القربى أو الانتظام فى سلك اجتماعي واحد
أمر فى غاية الاهميه وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى
لصحابته فى حب الأولاد و الحنو عليهم و تقبيلهم . وهذا المعنى أكده علم النفس
الحديث اذ يرى أن نمو الطفل يتوقف فى جانب من جوانبه على هذه المحبه المتبادله.
فانظر الى قوله تعالى ( اذ قالوا ليوسف و أخوه أحب الى أبينا منا و نحن عصبة
ان أبانا لفى ضلال مبين ) انك دون شك ستلمس حرص هؤلاء الأولاد على حب
أبيهم كما أنك ستجد روح التنافس و تكاد تكون الغيره القاتله على حب هذا الاب .
لقد ذهبت بهم الغيره و افتقارهم للحب الى اتهام والدهم بالضلال وقد أخبر
الشوكاني (ان أبانا لفى ضلال مبين) أي لفى ذهاب عن وجه التدبير الصحيح
لهما علينا و ايثارهما دوننا مع استوائنا فى الانتساب اليه .فكيف يفضلهما
بالمحبه و الشفقه . ان أبانا لفي خطأ بين ، حيث فضلهما علينا ، من غير واجب
نراه و أمر نشاهده .
و قد أجمع علماء التفسير على أن سبب حقد أخوة يوسف عليه هو حب أبيهم له
دونهم ،مما يوصلك الى نتيجة حتميه ألا وهي الحاجه الماسه للمحبه و الاهتمام
ممن حولنا .
ان الحاجه الى الشعور بالأهميه و محبة الآخرين نازع فطري لدى كل منا و
فى كافة المراحل العمريه، فالطفل فى سنواته الأولى يتوق للحنان و المحبه
و التقبيل وان لكل منها بصماته السحريه فى نفسه و عقله على السواء .
فلابد من المعامله اللطيفه واليد الحانيه والقلب الرحيم ومشاركته اللعب أيضا بين
الفينة و الفينه ، فقد كان من رجال الاسلام العظام من يحمل أبناءه على كتفيه
ويذهب بهم الى المسجد فأين نحن من هؤلاء.
فمن هنا نستلهم العبر من أحداث هذه القصه و ملابساتها أن الحب ينبغي
أن يكون للجميع بغض النظر عن أعمار الأبناء و مراحلهم الدراسيه أو الحياتيه .
فكثير من الأخطاء تحدث مع المربين كأن يثيروا الاهتمام للصغير دون الكبير
و حجتهم فى ذلك أن هذا طفل يحتاج الى هذا الأمر أكثر من غيره.
يقول أحد الحكماء : أن الحب هو تنفيذ قانون الصحه و السعاده وسلامة العقل .
ان للحب سحرا يفوق سحر القمر فى الليالي الظلماء ، ان الشخصيه اذا لم تتمتع
بالحب فانها تمرض و تموت . وللحب والنيه الطيبه واحترام مقدسات الشخص الآخر
شأن عظيم فى حياة صاحبها .وكلما نشدت المزيد من الحب و النيه الحسنه كلما
عاد عليك المزيد من الهدوء و السلام.
ومما تجدر الاشاره اليه أن الحب الصادق الخالص ، الذي يربى النشء عليه ذاك الذي
فيه لين من غير ضعف وشدة من غير عنف ، فحبي لولدي لا يعني أن أترك له
الحبل على الغارب فهذا دون شك يفسد و يضر أكثر مما ينفع ، ويجدر بي
استخدام الحزم فى الوقت المناسب .اذن التربيه الأمثل مزيج متجانس من الحب و
الاهتمام واللين والحزم و القدره على التوجيه المستمر مع غض الطرف عن
الهفوات من الامور.
ان الانسان الذي يفقد الاهتمام و المحبه ممن يحيطون به من أفراد أسرته يلجأ
الى البحث عنها خارج هذا المحيط ، وقد يكون عالما جديدا لكنه مظلم ،
أفراده أناس أشرار ، يجرونه معهم الى هاويه الرذيلهوالدمار ، لاقدر الله .
وكم من فتاة فى عمر الورود لجأت الى الزواج ممن هو فى عمر جدها ،
ظنا منها أنها بذلك تحصل على حب الأب الذي فقدته فى أسرتها ،
وما لبثت أن اصطدمت بواقع أمر.
ومن الضروري بمكان أن نشير الى أن الدلال الزائد و المبالغه فى جرعات الحب
أمر يوازي فقدانه خطورة على أبنائنا فخير الأمر أوسطها وكل شيء يزيد
عن حده ينقلب الى ضده .
اذن لنجعل لأبنائنا موجها ذا هدف كي نصل بهم الى بر الامان فالنصيحه طعمها
مر وذات فائده تماما كالدواء الذي يصفه الطبيب. اذن دعنا لا نحرم أبنائنا
النصيحه بدعوى الحرص على مشاعرهم ولنتذكر أن الدلال يقلب الموازين
و يفسد الاخلاق.
منقووووووووووووووول