السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجة البطل تشتاق اليه
فى المرة الأولى صعدت السيده الصغيره الى المنصه بخجل . وهي تتعثر فى خطواتها . أشفقت عليها
من ذلك الموقف ، وقلت لنفسي ان من الأفضل لها ، أن تجلس فى بيتها ومع أطفالها ، وتترك النضال
وهمومه لأهله .. للرجال .
كان زوجها ، الذي قارع العدو بالمعارك والحجج ، قد أودع قيد الاعتقال ، ثم سيق الى المحكمه ، و أسيئت
معاملته . وتحولت أيام الاعتقال المعدوده ، الى أشهر لا نهاية لها . وكان لابد للزوجه أن تسد الفراغ .
لقد دفعها رفاق زوجها الى الواجهة ، وتصوروا أنها ستكون خير من يدافع عنه ، ويجمع التأييد لقضيته .
ولم يكن تصورهم خاطئا .
من بلد الى بلد ، راحت تسافر وتحضر التجمعات ، وتشرح ظروف اعتقال زوجها وتراجع حالته الصحيه.
لم تعد تهاب المنبر وتعلمت ألف باء الخطابة وكانت كلماتها البسيطه والقويه تصل الى قلوب الناس
خصوصا أنها تتحدث بلسان قضيه عادله .
حين سمعتها ، فى المره الثانيه ، كان عودها قد اشتد ولم تعد المنصه كبيره عليها بل اكتسبت السيده حنكة
واشعاعا يثيران الاعجاب والتقدير . لقد نجحت فى أن تجمع حول زوجها حركة سعبيه فى العديد من الدول
تعمل على المطالبه باطلاق سراحه .
أخذها النضال فى دولابه الدوار ، شغل أيامها ، أرهق لياليها ، أنساها وجبات الطعام ، ومنحها قوة عشر
نساء . لكنها فى آخر النهار ، حين تلم حولها أطفالها تدرك أن هناك شخصا أساسيا ناقصا فى البيت و أن
زوجها ما زال وراء القضبان و أنها وحيده .
هل تبكي المناضله فى ظلمة غرفتها ؟ هل تندب حظها ، مثلما تفعل بقية النساء فى مواقف كهذه؟
هل تتأمل وجهها فى المرآه وتتحسس التجاعيد الصغيره التي بدأت تظهر حول عينيها ؟ هل تمتلك القدره
على أن تتجمل أو تتعطر أو ترتب شعرها ؟ هلى يتناسب المعتنى به مع شروط النضال ؟
و أمس سمعتها تتحدث فى احدى محطات التلفزيون لا حظت أنها جميله رغم الارهاق والمعاناه ، وان
نبرة صوتها مازالت مفعمه بلأمل لكن قلقها كان واضحا على صحة زوجها السجين .
هكذا هي القضايا الكبيره قضايا الوطن تنتزع النساء من بيوتهن وتدفع بهن الى الشوارع و أماكن التجمعات
. تسقط عنهن أحجبة الخجل و التحفظ ،أي تحفظ حين تكون حياة الزوج مهدده والوطن كله عرضة للنهب
والتدمير والاستباحه ؟
أتفرج عليها و أقول : انها لم تفعل أكثر مما فعلته أي امرأة من نساء شعبها ، أولئك اللواتي يستقبلن استشهاد
الابناء بالزغاريد أو يرفعن شارة النصر على أنقاض بيت العائله المنسوف بالديناميت . أتأمل التاريخ و أتابع
الجغرافيا و أتأكد من أن الظلم قد حوّل شعبا كاملا برجاله و نسائه و أطفاله الى أبطال .
انها واحده منهم ترفع رأسها حين يصفها الناس بأنها زوجة البطل وحين يصافحون أبناءها مرحبين بأبناء البطل
أتساءل : هل يريد الصغار أبا بطلا تفصل جدران السجن بينهم وبينه ؟ أم يفضلون أبا يعيش معهم بلا ألقاب
أو بطولات ؟
كل بشر وكل حجر وكل حبة زيتون فى فلسطين دفعت ثمن النضال هل يعقل أن تسحق قدم الظلم كل هذه التضحيات؟
منقوووووووووووووول